سوء العشرة وتنفيذ شرط

سوء العشرة

_

وهي من أكثر القضايا الزوجية.

الإجراءات :

 يضبط حضور الزوجة المدعية ويذكر المعرف بها. ( ولابد من التعريف بالمرأة في كافة مراجعاتها سواءً كانت مدعية أو مدعى عليها أ وشاهدة أو حاضرة أو منهية ) ، ويكون المعرف من محارمها .

هل يكفي في التعريف رجل واحد أو لابد من اثنين ؟ هنا قولان :

  1. القول الأول : أنه يكفي في التعريف رجل واحد ، لحديث زيد بن ثابت حينما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بتعلم السريانية حتى يترجم له كتاب اليهود.
  2. القول الثاني : أنه لابد في التعريف من رجلين ، لأن التعريف شهادة .

ثم حضور الزوج المدعى عليه وتعريفه بالزوجة ومصادقته على كون المدعية زوجته .

تضبط دعوى الزوجة وصياغتها : ( إن هذا الحاضر زوجي تزوجني بموجب عقد النكاح رقم… الصادر من… بتاريخ… ودخل بي في تاريخ… وأنجبت منه… وقد أساء عشرتي فهو يضربني ويشتمني فلم أعد أطيق العيش معه أطلب فسخ نكاحي منه).
يلاحظ الإشارة في الدعوى إلى :-

  1. العقد والدخول وتاريخه.
  2. عدد الأولاد .
  3. المشكلة , وأسبابها , ثم ختم الدعوى بطلب الفسخ.

يطلب من المدعى عليه الجواب , ولابد أن يتضمن الجواب المصادقة على أن المدعية زوجته وعلى العقد والدخول وتاريخه , والأولاد . فإن أنكر الزوج الزوجية فيبحث القاضي صحة زواجها منه.

جواب المدعى عليه لا يخلو من حالين:

  1. أن يكون إقراراً بدعوى الزوجة فيعرض القاضي الصلح عليهما فإن لم يصطلحا فيجري التحكيم بينهما ، ومثله ما لو أثبتت المدعية سوء عشرته ببينة , ويرى بعض القضاة الفسخ مباشرة عند ثبوت سوء العشرة . وهذا يختلف باختلاف نوعية سوء العشرة وكونه عارضاً أو دائماً.
  2. أن يكون إنكاراً – وهو الغالب – فحينئذٍ يطلب من الزوجة البينة والغالب أن لا بينة في مثل هذه القضايا ، فلا يطلع على الزوجين أحد , ولا ترد الأيمان في القضايا الزوجية عند جمهور الفقهاء ؛ لأنها مما لا يدخله البدل .
    وللمحكمة أن تساعد المدعية في استجلاب بينتها كأن تدعي المرأة أنَّ زوجها يشرب المسكر أو يستخدم المخدرات فتكتب المحكمة للمستشفى لتحليل الدم لمعرفة مدى تعاطي الزوج المسكرات أو المخدرات . وكذلك تكتب للأدلة الجنائية للسؤال عن صحيفة سوابقه ، وكذلك تكتب لإمام المسجد إذا ادعت الزوجة أنه لا يصلي الجماعة للسؤال عن ذلك .

وفي حالة عدم ثبوت بينة على سوء العشرة فتُتبع الخطوات التالية :-

  1. ترغيب الزوجة بالانقياد والعودة إلى بيت الزوجية والدخول في طاعة الزوج ، وبيان حقوق الزوج ، وحرمة النشوز وآثاره , وآثار الفرقة عليها وعلى أبنائها.
  2. ينصح الزوج بالفرقة لعلَّ الله أن يعوضه خيراً , ويذكَّر بقوله تعالى سورة النساء ، ويبين له الآثار المترتبة على كون المرأة معلقة .
  3. يعرض الصلح عليهما بأحد الأمور التالية :
    • عودة الحياة الزوجية بعوض.
    • عودة الحياة الزوجية بلا عوض وبشرط المعاشرة بالمعروف وقيام كل واحد من الزوجين بحقوق الآخر.
    • الفرقة بعوض.
    • الفرقة بلا عوض.
      وأي شيء يتم الصلح عليه لم يحل حراماً أو يحرم حلالاً فهو جائز حتى وإن لم يكن مالياً ، مثل شرط ألا تُدخل الزوجة أحد أقاربها لبيت الزوج , أو أن يحسن معاشرتها .
  4. يعرض أن يختار كل واحد من الزوجين حكماً من أهله عملاً بقوله تعالى : سورة النساء ، فإذا تم اختيارهما يحضران لدى القاضي ويأخذ إقرار الزوجين على اختيارهما وموافقتهما على نتيجة التحكيم , فإذا حضرا تم تدوين أسمائهما وهوياتهما ، ثم يبين القاضي لهما مهمة الحكمين وما يجب عليهما من عقد النية على الإصلاح بين الطرفين لقوله تعالى : ، وأن عليهما الاجتماع بالزوجين مجتمعين أو منفردين ودراسة أسباب الشقاق والخلاف بينهما وبذل الجهد والوسع في الصلح بينهما , ومن ثم إعداد تقرير بما تم في ذلك ويذكران رأيهما في الشقاق بين الطرفين ، ولا يخلو من الأحوال التالية :
    • الأولى : أن يتفق الحكمان على الجمع بعوض أو بغير عوض ، أو الفرقة بعوض أو بغير عوض ، فيكتبان تقريرهما بذلك ويرفعانه للقاضي ، فحينئذٍ يدون القاضي تقرير الحكمين ويعرضه على الزوجين فإن وافقا عليه فينهي القاضي الدعوى بذلك ، وإلا لم يوافقا أو أحدهما عليه فيحكم القاضي بموجبه ، وإذا كان موجبه الفسخ بعوض فيطلب القاضي من المرأة إحضار العوض ، فإذا أحضرته يعرضه على الزوج فإن قبله وإلا أمر القاضي بحفظه عن طريق رئيس المحكمة في بيت المال لصالح الزوج .
    • الثانية : أن يختلف الحكمان في الأصل فيرى أحدهما الجمع والآخر الفرقة , أو يبدي أحدهما رأياً دون الآخر , أو يتفقا في عدم إبداء الرأي.
      ففي هذه الصور يطلب القاضي من الزوجين اختيار حكمين آخرين فإذا رفضا أو عجزا – وهو الغالب – فيتم إعادة التحكيم من قِبل ملازمين قضائيين أو اثنين من أهل الخير والصلاح أو من أعضاء هيئة النظر بعد أن يأخذ القاضي إقرار الزوجين بموافقتهما على نتيجة التحكيم .
    • الثالثة : أن يتفق الحكمان على الفرقة ويختلفان هل تكون بعوض أو بدون عوض ، أو يتفقان على الفرقة بعوض ويختلفان في مقداره .
    • الرابعة : أن يتفق الحكمان على الرجوع ويختلفان هل يكون مجاناً أو بعوض أو يتفقان على الرجوع بعوض ويختلفان في مقداره.
      ففي حال الاختلاف على العوض يعاد التحكيم في موضوع العوض ، فإذا تعذر أو لم يصلا إلى نتيجة فيحكم في الفرقة بخلع المثل ، وفي الرجوع يجتهد القاضي في ذلك.
      وقيل : يرجح في جميع حالات الاختلاف بحكم ثالث .
  5. فإن لم يتفق الحكمان أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين نظر القاضي في أمرهما وفسخ النكاح حسب ما يراه شرعاً بعوضٍ أو بغير عوض.

الصياغة : تقدمت صياغة الدعوى والإجابة , ومن ثم تطلب البينة من المدعية فإن كان لها شهود دونت شهاداتهم , وإن كان ثمة إجابات كإجابة المستشفى أو إدارة مكافحة المخدرات أو الأدلة الجنائية فتدون بالرقم والتاريخ ، ثم تذكر الخطوات الخمس الواردة في قرار هيئة كبار العلماء , ثم يصاغ الحكم كما توصل إليه القاضي.

متممات الحكم :-

يحسن للقاضي تذييل الحكم في مثل هذه القضايا بما يلي :-

  1. إذا كان الحكم فسخاً للنكاح فتفهم المرأة بأن عليها العدة , وأنها تبدأ من تاريخ الفسخ أو الخلع , وتحدد مدة العدة ، ومن المعلوم أن عدة المفسوخة حيضة واحدة على الراجح , ويرى الجمهور أنها ثلاث حيض .
  2. إفهام الزوج بأن زوجته بانت منه بينونة صغرى فلا تحل له إلا بعقد جديد.
  3. إفهام الزوج بأن عليه مراجعة الأحوال المدنية لتسجيل الواقعة وإنزال المرأة من دفتر العائلة , حسب التعميم رقم 12/ت/127 في 3/11/1412هـ( ) والإجراء المتبع أن المرأة تأخذ الصك وتذهب به إلى الأحوال المدنية فيتم إسقاط اسمها من دفتر العائلة.
  4. إذا لم يقتنع أحد الطرفين بالحكم و طلب التمييز فتفهم المرأة وولي أمرها ألا تتزوج إلا بعد انتهاء عدتها وتصديق الحكم من محكمة التمييز. حسب التعميم رقم 8/ت/25 في 8/2/1412هـ .
مسائل :

الأولى : يصح خلع وفسخ الحائض , وتكون عدتها الحيضة التي بعدها.

الثانية : لو فسخ القاضي النكاح ثم تراضيا على الرجوع قبل انتهاء الجلسة فهل يلزم عقد ومهر جديد ؟
قال الزركشي في المنثور(3 /45): قاعدة : ” الفسخ لا يقبل الفسخ ” فإذا تم الفسخ فلا يمكن رفعه وفسخه ولو كان في مجلس القضاء الذي صدر فيه الحكم قبل انتهاء الجلسة وعلى الزوج إذا أراد الرجوع إلى زوجته عقد ومهر جديد ، ولا يلزم انتهاء العدة لأن العدة لأجل إستبراء الرحم فلا تعتد من مائه إلى مائه .
والعبرة بالنطق بالحكم في الفسخ وغيره , فإذا تم النطق به فقد صدر الحكم.

الثالثة : يجوز أن يفسخ القاضي النكاح فيقول (فسخت نكاح فلانة…من فلان … وبذلك حكمت ) أو يقول ( فقد حكمت بفسخ نكاح فلانة …..الخ ) .
ويجوز أن يفوِّض القاضي الفسخ للزوجة بأن يقول : ( فقد جعلت للمدعية فلانة… فسخ نكاحها فقالت فسخت نكاحي من فلان…وعليه فقد ثبت لدي فسخ نكاح فلانة….من فلان… وبذلك حكمت ) والفسخ من القاضي أقوى .

الرابعة : إذا رأى القاضي أن الأسباب التي ذكرتها المرأة لطلب الفسخ غير وجيهه وليس لها مبرر شرعي فيحكم القاضي برجوع المرأة لبيت الزوجية ، ويذكر بأنها إذا لم ترجع فتعتبر ناشزاً ساقطة الحقوق والنفقة ؛ لأنه يصعب تنفيذ الحكم بإلزام المرأة بالعودة إلى بيت الزوجية ، فلا تساق إلى بيت الزوجية جبراً .

الخامسة : إذا حكم القاضي على الزوجة بالانقياد ولم تنقاد وبقيت مدة ناشزاً فيعيد القاضي النظر فيها ، ويحكم بالفسخ بعوض إن كانت ظالمة.
ويمكن للمرأة أن تتقدم مرةً أخرى بطلب الفسخ إذا طالت عليها المدة ، ويكون نظر القضية عند من نظرها سابقاً ؛ لكونها ناشئةً عنها .

السادسة : يستقر عوض الخلع في الذمة إذا لم يبذل كسائر الديون فتسمع دعوى الإعسار به ، وعلى الزوجة قبل أن يدخل بها الآخر سداده لكونها أيسرت بمهر الزوج الجديد.

السابعة : إذا تقدم الزوج ضد المرأة بدعوى النشوز وبذلت المرأة نفسها واستعدت بالرجوع إلى بيت الزوجية والدخول في طاعة الزوج ورفض الزوج ذلك طالباً العوض ، فحينئذ تفسخ المرأة مجاناً ، لقوله تعالى :سورة النساء.

الثامنة: لا ينبغي أن يكون عوض الخلع مقابل تنازل المرأة عن حضانة أولادها ؛ لأن الخلع لا بد أن يكون على مال أو حق يؤول إلى مال، ولأن الصلح في الحضانة غير ملزم على قول الجمهور
والصلح على الخلع لازم ، ولا يجمع بين صلح لازم وعوض غير مالي ؛ لأنه لو فسد موضع الحضانة فلا يفسد الخلع فالحضانة غير مرتبطة بالخلع , فلو حكم للزوج بالحضانة مقابل تنازله عن عوض الخلع ثم ظهر بعد ذلك عدم صلاحيته للحضانة لكان مشكلاً .
ولكن يمكن الخلع على عوض ثم إجراء الصلح على الحضانة منفصل عن ذلك.

التاسعة : إذا استعد الزوج ببذل عوض مالي لزوجته مقابل رجوعها وكانت في مقابل حق ماليٍ ماضٍ كالنفقة أو نحوها فيجب على الزوج الوفاء به , وإذا كانت العوض لأجل الرجوع فقط فلا يلزم الزوج إذا كان الاتفاق خارج المحكمة ، أما إذا كان في مجلس الحكم ووافق عليه الزوج فيلزم به إذا رجعت الزوجة .

فوائد :

أولاً : ينبغي للقاضي في القضايا الزوجية أن يحرص على حضور الزوجين أنفسهما ؛ لأن حضور الوكلاء في الغالب يزيد شقة الخلاف ويشعب المشكلة وبالتالي يصعب حلها , ويباعد قلوب الزوجين مما يجعل قصد كل واحد منهما مجرد التشفي والانتقام من الآخر على حساب مصلحتهما.

ثانياً : الأقرب في توصيف الحكمين أنهما شاهدا خبرة كما دل على ذلك قرار هيئة كبار العلماء ( رقم 26 في21/8/1394هـ ).، وعليه فقرار الحكمين ملزم للقاضي مالم يوجد مبرر شرعي لمخالفته فللقاضي مخالفته والحكم بما يراه مع تسبيب ذلك .

ثالثاً : إذا اختلف الحكمان في المرة الثانية أو طال النزاع بين الزوجين أو تعذر الحكمان مطلقاً فيحسمها القاضي بما يراه من فسخ أو جمع وفق الأصول الشرعية .

رابعاً : لا يجبر الحَكَم على الحضور ، ولا يجبر أحد الزوجين على اختيار حكم إذا رفض ذلك .

خامساً : للقاضي منع الشخص أن يكون حكماً ولو اختاره أحد الزوجين إذا ظهر منه إثارة الفتنة والتخبيب .

سادساً : الغالب الاختلاف في قرارات التحكيم بين الزوجين الصادرة من الحكمين اللذين اختارهما الزوجان .
والغالب في قرارات التحكيم الزوجي هو التفريق بين الزوجين على عوض.

سابعا: يقدم القاضي في فسخ النكاح الزوجة على الزوج كما ذكر ذلك علماء الشروط – التوثيقات – فيقول ( فقد حكمت بفسخ نكاح فلانة من فلان ) كما سبق

تنفيذ شرط

_

قد تشترط المرأة شرطاً لمصلحتها فيجب تنفيذه كشرط البلد أو مواصلة الدراسة أو العمل أو السكن ونحوها .
فإذا اشترطت المرأة شرطاً صحيحاً ورفض الزوج تنفيذه أو نفذه في بداية الزواج ثم رجع عنه .

الإجراءات :

تتقدم الزوجة بدعوى ضد الزوج تطلب تنفيذ الشرط الذي اشترطته على الزوج.

يتم سماع جواب الزوج على الدعوى فإذا صادق على الدعوى وكان الشرط صحيحاً يحكم على الزوج بتنفيذ الشرط ، فإذا رفض تنفيذه فللزوجة الخيار في فسخ عقد النكاح بدون عوض .

إذا أنكر الزوج الشرط فيطلب من الزوجة إثباته ، فإذا ثبت الشرط وكان صحيحاً يحكم على الزوج بتنفيذ الشرط ، فإذا رفض تنفيذه فللزوجة الخيار في فسخ عقد النكاح بدون عوض .

إذا عجزت الزوجة عن إثبات الشرط فيصرف النظر عن دعواها ، إلا إذا كان الشرط عوضاً مالياً فتفهم الزوجة بأن لها يمين الزوج على نفي ذلك ، فإذا طلبت اليمين وحلفها الزوج فيصرف النظر عن دعواها.

مسائل :

الأولى : أن الأصل في الشروط الصحة إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : [ المؤمنون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ] .

الثانية : أن الشروط المعتبرة هي الشروط السابقة للعقد .
وأما الشروط المقارنة للعقد فهي معتبرة على أظهر أقوال أهل العلم .
وأما الشروط اللاحقة بعد العقد فهي غير معتبرة .  قال شيخ الإسلام : “نقل الأثرم عن أحمد في الرجل يتزوج المرأة ويشترط عليها أن يأتيها في الأيام:يجوزالشرط ،وإذاشاءت رجعت.قيل له أرأيت إن كان الشرط في عقد النكاح؟ فقال:أما إذا قال لها بعد النكاح فلها أن ترجع إذا شاءت”.